تركستان

أهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تركستان

أهلا

تركستان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
تركستان

هذا المنتدى خاص بالتركستانيين في السعودية أو مايعرف ب البخارية و عام لجميع من هم من تركستان و غيرها من البلدان و الدول من عالمنا التركي الكبير.


    معرض الكتاب باعتباره ظاهرة اجتماعية

    avatar
    Tengri


    المساهمات : 182
    تاريخ التسجيل : 09/03/2010

    معرض الكتاب باعتباره ظاهرة اجتماعية Empty معرض الكتاب باعتباره ظاهرة اجتماعية

    مُساهمة  Tengri الثلاثاء مارس 09, 2010 11:02 pm

    معرض الكتاب باعتباره ظاهرة اجتماعية

    تشكل معارض الكتب الدولية في العالم، بالنسبة لمجتمعاتها، ظاهرة ثقافية (أي علمية أو معرفية) بالدرجة الأولى، يتلوها كونها ظاهرة اقتصادية، وأخيراً كونها ظاهرة اجتماعية. وبالطبع فإن معارض الكتب الدولية هي دوماً ظاهرة اقتصادية أولاً بالنسبة للناشرين. إلا أنني أرى أن معارض الكتاب الدولية في المملكة تشكل بالنسبة لمجتمعنا ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى، وثقافية (أي علمية أو معرفية) بالدرجة الثانية، واقتصادية في الدرجة الأخيرة. فلِمَ يختلف تموقع أو ترتيب الكتاب ومعارضه في مجتمعنا عنه في المجتمعات الأخرى؟
    يحيلنا مفهوم الظاهرة الاجتماعية مباشرة إلى عالم الاجتماع أوغست كونت، الذي يرى أن علم الاجتماع يدرس كل الظواهر التي لم تدرسها العلوم السابقة عليه. ورغم أن كونت يرى أن من العبث تعريف الظاهرة الاجتماعية أو تحديدها، باعتبار كل الظواهر الإنسانية بما في ذلك ظواهر علم النفس هي ظواهر اجتماعية، إلا أنني هنا على وجه التحديد أعني بالظاهرة الاجتماعية التي يمثلها معرض الكتاب لدينا، وكما تجسد في حالة معرض الرياض الدولي للكتاب هذا الأسبوع، أنها حالة يكون فيها محور الاهتمام المجتمعي بالحدث منصباً بشكل أساسي على أنماط التفاعل فيما بين الناس، كما تكون فيها القضايا التي تصاحب الحدث أقل ارتباطاً بالمعرفة وأكثر ارتباطاً بسلوك الناس خلال هذا الحدث. وبمعنى آخر، ينصب الاهتمام المجتمعي حول ما ينبغي للناس أن يفعلوه وما لا ينبغي لهم أن يفعلوه، وحول ما ينبغي لهم أن يطلعوا عليه وما لا ينبغي لهم أن يطلعوا عليه. بل حتى النقاشات التي تتطرق إلى محتوى المعرض المعرفي لا تدور غالباً من منطلق معرفي، بل تدور حول ما يسمح للمجتمع وأفراده بالاطلاع عليه وما لا يسمح لهم بالاطلاع عليه، وذلك في تجسيد واضح للجانب الاجتماعي على حساب الجانب المعرفي.
    في هذه الظروف التي تنظر إلى معرض الكتاب باعتباره ظاهرة اجتماعية، يصبح "منع الاختلاط" وتخصيص يوم "للعوائل" ويوم "للرجال" أكثر أهمية من مناقشة الأفكار الجديدة التي تعرض على الجمهور لأول مرة من خلال الكتب. تصبح أيضاً ردود أفعال التيارات المتناطحة في المجتمع أعلى صوتا مما يقدم معرفياً في المعرض ومما يسمح به القانون. وفي هذه الظروف كذلك فإن التغطية الإعلامية من قبل المراقبين الإعلاميين والصحفيين واستعمالهم تعبيرات من قبيل "خلو المعرض من الإصدارات "المشبوهة" أو المثيرة للجدل في ظل هذا الحشد من الدور والإصدارات" ومن قبيل "تحقيق دور فعال لهيئة الأمر في منع المخالفات"، ومثلها من التعبيرات الأخرى تصبح أكثر أهمية من النقاش المعرفي والفكري حول تلك المواضيع "المثيرة للجدل". كما يصبح منع بعض الكتب، أو السماح ببعض الكتب، في إطار هذه الظاهرة الاجتماعية أكثر إثارة للجدل عما ينشر فيها وأكثر أهمية من مناقشة تلك الأفكار ومن ثم أكثر أهمية من إتاحة الفرصة للأفراد بقبول أو رفض ذلك المحتوى الفكري بناء على قناعات فردية لا تخضع للإملاءات المفروضة. ومن اللافت للنظر هنا أن ذات القضايا المطروحة حول معرض الكتاب، في كونه أرضاً مخصصة لبيع الكتب، لا تثار حول المكتبات التجارية من قبيل مكتبة جرير أو مكتبة العبيكان أو مكتبة كنوز المعرفة، على سبيل المثال لا الحصر.
    إن أولوية الجوانب الاجتماعية على الجوانب المعرفية في معارض الكتاب ربما تعد مؤشراً على مستوى النضج المعرفي في المجتمعات، حيث إن نضج المجتمع الإنساني يحيلنا بدرجة أكبر إلى التركيز على المستوى المعرفي دون التوقف كثيراً عند المستوى الشكلي. كل الأمل في أن تؤسس مسيرة معارض الكتاب في مجتمعنا المحلي تراكماً معرفياً يسمح بالانتقال بمعرض الكتاب من مجال الظاهرة الاجتماعية إلى فضاء الظاهرة المعرفية.

    أميرة كشغري

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 4:29 pm