الحرف بيننا
هل يفكر الروس
طارق محمد الناصر
من بين كل ردود فعل الجهات المتعاطفة مع النظام السوري، في أعقاب قرار الجامعة العربية الأخير بشأن تجميد عضوية النظام السوري، كان أكثرها استفزازاً رد الفعل الروسي.سيل الشتائم الذي أمطر به المندوب السوري الدول العربية ووصفه للقرار بأنه مؤامرة كان متوقعاً. ووصف حزب الله للقرار بأنه قرار عبري كان مفهوماً أيضا. بل وحتى رد الفعل الإيراني الذي وصف القرار بأنه سيعقد القضية كان عقلانياً. إلا ان ما استعصى على فهمي كان رد الفعل الروسي.
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ندد بالقرار قائلا: "نعتبر ان تعليق مشاركة سوريا غير صائب، والذين اتخذوا هذا القرار فقدوا فرصة فعلية لجعل الوضع أكثر شفافية". وأضاف: "هناك طرف ما يبذل كل ما بوسعه كي لا يتمكن السوريون من التوصل لاتفاق فيما بينهم".
كنت سأرجح كذب هذا التصريح لو كانت إحدى وسائل الإعلام الدائرة في فلك النظام السوري، أو المتحالفة معه، هي التي نقلته. إلا ان الناقل هو وكالة الصحافة الفرنسية التي تعد واحدة من أكثر وكالات الأنباء في العالم حياداً ومهنية. كما ان التصريح نقلته عدة وكالات أخرى واستشهد به وليد المعلم في مؤتمره الصحفي.
هناك أكثر من نقطة تثير الاستهجان في التصريح الروسي. فالتصريح صادر من وزير الخارجية شخصياً، وليس من مصدر مجهول أو أدنى رتبة من الوزير، مما يجعل منه معبراً عن وجهة النظر الرسمية للدولة الروسية. والوزير، بهذا التصريح، يعلن تبني روسيا الكامل لرواية النظام السوري للأحداث.
أظهر التصريح لا مبالاة بالتعاطف الشعبي العربي الساحق، والذي كان الدافع الأساسي خلف التحرك العربي الرسمي، مع معاناة الشعب السوري. كما أظهر استخفافاً كبيراً بمغزى قيام آلاف السوريين بالتضحية بأرواحهم للانعتاق من نظام أطبق على أنفاسهم لعقود. فالوزير يتحدث عن "فقدان فرصة لجعل الوضع أكثر شفافية" متجاهلاً الستار الحديدي الذي يضربه النظام لإخفاء حقيقة جرائمه.
أما أكثر نقطة تثير الاستهجان في التصريح فهي توجيهه اتهاماً مباشراً للدول التي صوتت من أجل التعليق بان من بينهم "طرف يتآمر على سوريا". هذا التصريح الجارح لجميع الأعضاء يتعين ألا يمضي دون رد، إلا ان الرد يجب أن يكون صادراً من الجامعة نفسها لا من أعضائها.
روسيا تكرر أخطاءها. فبعد أن وقفت حتى آخر لحظة مع نظام القذافي هاهي تقف بالكامل خلف النظام السوري. ألم ترَ روسيا كيف صحح المجتمع الدولي موقفه بعد الإطاحة ببن علي بوقوفه في صف الشعب في كل مرة بعد ذلك؟. ألا يفكر الروس انهم بموقفهم هذا يخسرون لا يربحون؟.
http://www.alriyadh.com/2011/11/17/article683719.html
هل يفكر الروس
طارق محمد الناصر
من بين كل ردود فعل الجهات المتعاطفة مع النظام السوري، في أعقاب قرار الجامعة العربية الأخير بشأن تجميد عضوية النظام السوري، كان أكثرها استفزازاً رد الفعل الروسي.سيل الشتائم الذي أمطر به المندوب السوري الدول العربية ووصفه للقرار بأنه مؤامرة كان متوقعاً. ووصف حزب الله للقرار بأنه قرار عبري كان مفهوماً أيضا. بل وحتى رد الفعل الإيراني الذي وصف القرار بأنه سيعقد القضية كان عقلانياً. إلا ان ما استعصى على فهمي كان رد الفعل الروسي.
وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ندد بالقرار قائلا: "نعتبر ان تعليق مشاركة سوريا غير صائب، والذين اتخذوا هذا القرار فقدوا فرصة فعلية لجعل الوضع أكثر شفافية". وأضاف: "هناك طرف ما يبذل كل ما بوسعه كي لا يتمكن السوريون من التوصل لاتفاق فيما بينهم".
كنت سأرجح كذب هذا التصريح لو كانت إحدى وسائل الإعلام الدائرة في فلك النظام السوري، أو المتحالفة معه، هي التي نقلته. إلا ان الناقل هو وكالة الصحافة الفرنسية التي تعد واحدة من أكثر وكالات الأنباء في العالم حياداً ومهنية. كما ان التصريح نقلته عدة وكالات أخرى واستشهد به وليد المعلم في مؤتمره الصحفي.
هناك أكثر من نقطة تثير الاستهجان في التصريح الروسي. فالتصريح صادر من وزير الخارجية شخصياً، وليس من مصدر مجهول أو أدنى رتبة من الوزير، مما يجعل منه معبراً عن وجهة النظر الرسمية للدولة الروسية. والوزير، بهذا التصريح، يعلن تبني روسيا الكامل لرواية النظام السوري للأحداث.
أظهر التصريح لا مبالاة بالتعاطف الشعبي العربي الساحق، والذي كان الدافع الأساسي خلف التحرك العربي الرسمي، مع معاناة الشعب السوري. كما أظهر استخفافاً كبيراً بمغزى قيام آلاف السوريين بالتضحية بأرواحهم للانعتاق من نظام أطبق على أنفاسهم لعقود. فالوزير يتحدث عن "فقدان فرصة لجعل الوضع أكثر شفافية" متجاهلاً الستار الحديدي الذي يضربه النظام لإخفاء حقيقة جرائمه.
أما أكثر نقطة تثير الاستهجان في التصريح فهي توجيهه اتهاماً مباشراً للدول التي صوتت من أجل التعليق بان من بينهم "طرف يتآمر على سوريا". هذا التصريح الجارح لجميع الأعضاء يتعين ألا يمضي دون رد، إلا ان الرد يجب أن يكون صادراً من الجامعة نفسها لا من أعضائها.
روسيا تكرر أخطاءها. فبعد أن وقفت حتى آخر لحظة مع نظام القذافي هاهي تقف بالكامل خلف النظام السوري. ألم ترَ روسيا كيف صحح المجتمع الدولي موقفه بعد الإطاحة ببن علي بوقوفه في صف الشعب في كل مرة بعد ذلك؟. ألا يفكر الروس انهم بموقفهم هذا يخسرون لا يربحون؟.
http://www.alriyadh.com/2011/11/17/article683719.html