تركستان

أهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تركستان

أهلا

تركستان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
تركستان

هذا المنتدى خاص بالتركستانيين في السعودية أو مايعرف ب البخارية و عام لجميع من هم من تركستان و غيرها من البلدان و الدول من عالمنا التركي الكبير.


    الشباب السعودي.. هل هو أمل المستقبل أم مشكلة قادمة؟

    avatar
    Tengri


    المساهمات : 182
    تاريخ التسجيل : 09/03/2010

    الشباب السعودي.. هل هو أمل المستقبل أم مشكلة قادمة؟ Empty الشباب السعودي.. هل هو أمل المستقبل أم مشكلة قادمة؟

    مُساهمة  Tengri الثلاثاء أبريل 06, 2010 12:53 am

    الشباب السعودي.. هل هو أمل المستقبل أم مشكلة قادمة؟

    لا شك أن وضع الشباب السعودي صعب للغاية، بل إنه لا يقل عن وضع المرأة صعوبة وأهمية، وهو ملف يحتاج إلى الدراسة وإيجاد الحلول الناجعة له وأن يكون في صدارة الأولويات الوطنية، لاسيما وأن الشباب يمثلون الشريحة الكبرى للتركيبة الديمغرافية للوطن. والواضح أن هناك عدة عوامل وأسباب أوصلت الشباب إلى هذا الحال، فمن الناحية الاقتصادية فالبطالة تضرب بأطنابها وتستشري بشكل كبير ومستمر، وللأسف لا يبدو أن هناك في الأفق أية حلول عملية وجذرية لها غير برنامج السعودة والذي أثبت إلى حد كبير عدم نجاحه، وأكبر دليل على ذلك هو استمرار تزايد نسبة البطالة، في وقت تتزايد فيه أعداد العمالة الوافدة بشكل كبير.
    ويبدو أننا للأسف الشديد شُغلنا كثيراً عن الالتفات إلى مشاكلنا الاقتصادية الحقيقية، نظراً لأننا نعيش نشوة زيادة أسعار البترول وزيادة الطلب العالمي عليه، في حين أن البطالة وصلت إلى حد مرتفع ومقلق وتضر بشبابنا على نحو بالغ وخطير.
    أما على الصعيد الاجتماعي، فقد أُوصدت الأبواب في وجوه الشباب بشكل لم يحدث في أي من بقاع الكرة الأرضية، بأن يُعزل الشباب ويُهمشوا نتيجة لذلك التقسيم القسري الذي يعيشه المجتمع، أي إما رجل أو امرأة، فقد مُنعوا في كثير من الحالات من دخول الأسواق إلا بشروط وأصبحوا يُطاردون بسيارات في الشوارع ويُراقبون في تحركاتهم وخطواتهم خوفاً من هاجس الاختلاط والخلوة اللذين تمحورت ثقافة المجتمع حولهما.
    أما التعليم، فما زال يراوح مكانه، وأي جيل من الشباب يمكن أن يُعول عليه وأكثر مواد تعليمه هي من المواد النظرية التي تخاطب القلوب لا العقول وتتجاهل الماديات العلمية وتركز على الغيبيات متخذة منهجية أساسها التلقين لا الفهم والحفظ لا الاستيعاب الذي يساعد على الابتكار الخلاق، ناهيك على أن هذه المواد تأخذ حيزاً كبيراً من المنهج الدراسي القائم، في وقت يحتاج فيه الوطن وأبناؤه إلى التركيز على دراسة العلوم التطبيقية ومواد أخرى مهمة توفر لهم حصانة ومناعة فكرية من الانحراف واستمالتهم من قبل أية فئة، مثل الفلسفة التي هي من أكبر أدوات بناء العقل وتوسيع الآفاق، شأنها شأن الرياضيات، وعلم اللغات وليس اللغة الإنكليزية فحسب، والموسيقى والفن بأنواعه والرياضة وغرس القيم الوطنية النبيلة لحب هذا الوطن وقيادته واحترامهم وولائهم لهم.
    وفي الجانب الثقافي، فالشباب يعيش أزمة ومأساة كبيرة بعد أن أُغلقت أمامه كافة الأبواب للتعبير عمّا بداخله من طاقات هائلة وطموحات وثابة وآمال عريضة، نتيجة لعدة عوامل على رأسها الوصاية التي تهيمن على المجتمع والتي تمددت وسيطرت إلى أن وصل بها الحال لقتل الفن والإبداع والتفكير، حيث حُرّمت السينما والمسارح والمعارض والمنافسات والمهرجانات وحُوربت الأندية الأدبية والثقافية، وبذلك وُئد الفن بشكل غير مسبوق بذريعة الحلال والحرام، بينما هو الأداة التي تخلق التوازن النفسي والوجداني والعقلي للفرد ليصبح سوياً في مجتمعه وتتفتّح أمامه آفاق الحياة الواسعة والعريضة. والحقيقة أنه لن يكون هناك مجتمع سليم ولن يكون هناك شباب أسوياء طالما أصبح الفن والفنانون والإبداع خصماً يُحارب بضراوة من المجتمع، فقد كان الفن وما زال على مدار التاريخ عنصراً يساعد على استقرار النفس البشرية وصفائها وعطائها كما تؤكد ذلك الكثير من الأبحاث العلمية. ولذلك وبعد أن أقُصي الفن بهذا الشكل، وبالذات في العقود الثلاثة الماضية، أصبح المجتمع وعلى الأخص شباب هذا الوطن، إما عليلاً أو أنه يفتقد لعنصر من أهم عناصر الاستقرار النفسي الذي يؤدي إلى العطاء والتفكير والإبداع، بعد أن أدى غياب هذا الجانب الهام من الحياة إلى اضطرابه، بل ومرضه .
    ونتيجة لهذا الانغلاق وبعد أن أصبحت الأمور كلها حراماً في حرام واتسعت دائرة التحريم بشكل غير مسبوق حتى أصبح الحرام هو الأصل والحلال هو الاستثناء، أضحى الشباب أمام خيارات محدودة جداً، فإما الانكفاء على الذات المقهورة والمكسورة أو اللجوء إلى التدين وهذا الأخير (أي التدين) جميل ورائع إذا لم يصاحبه تزمت وتطرف وأن يكون نابعاً من قناعة ذاتية لدى الشباب بعد أن تكون قد توفّرت لديه القاعدة والبنية الفكرية ليكون قادراً على تقرير ما يريده في الحياة وليس نتيجة لخوفه من أن كل شيء عدا ذلك التوجه هو حرام.
    وفي هذه الظروف، فإن هنالك سؤالاً يثُار ويجب أن نكون صادقين مع أنفسنا في التأمل والإجابة عليه، وهو أنه : كيف يُستغرب أن يكون لدينا إرهاب في ظل هذا المناخ السائد الذي حطّم الشباب إنساناً وكياناً؟ وضيّق عليهم آفاق الحياة الواسعة .
    إن كل هذه الأسباب من بطالة وكبت وانغلاق اجتماعي وغياب للحرية ومحاصرة للشباب وتهميشهم وعزلهم وغيرها، أدت إلى إيجاد هذه الفئة الضالة التي حاربتها أجهزتنا الأمنية بكل بسالة واقتدار، لكن الواقع يدل على أن علاج هذه المشكلة لن يكون في التعويل على الاستمرار في محاربة هؤلاء الإرهابيين، لأنها - وفي ظل هذه المعطيات - يُتوقع أن تكون حرباً تستنزف الوطن كثيراً وكثيرا.
    إن ما يؤلم حقاً أن نرى هذه الجهود الأمنية الرائعة والإنجازات الكبيرة يوماً بعد الآخر التي ظلت تحققها أجهزتنا الأمنية وأبطالها من جهد باهر لم تسبقنا فيه أي من دول العالم، بينما وضع الشباب وما سقناه من أسباب لم يُؤخذ في الاعتبار واختُزل الحل على برنامج المناصحة كأهم آليات الإصلاح، بينما وللأسف الشديد أنه من الواضح أن هذا البرنامج لم يستطع التصدي للمشكلة من جذورها، بل يتصدى لأعراضها فقط، نظراً لأن الثقافة السائدة في المجتمع ووضع الشباب الحالي هو الذي أوجد ذلك المصنع الذي يُفرخ الإرهابيين بشكل مستمر ومتواصل، ناهيك على أن برنامج المناصحة في غالبه يُنفذ تالياً (أي بعد أن نشأ الإرهاب واستشرى) وليس سابقاً لهذه المرحلة، وعلى الشباب الذين تم إغواؤهم ووقعوا في براثن التزمت والتطرف، وحري به أن تكون المبادرة بأولئك الذين لم يستملهم التكفيريون بعد ويُخشى من أن يقعوا فريسة بأيديهم، حيث إنهم هم الأكثرية واللقمة السائغة، بل والفريسة التي تسعى الفئة الضالة لاستقطابها وتوظيفها.
    لذا، فالأمل كبير في قيادتنا الرشيدة، وبالذات في عهد ملك الإنسانية والإصلاح (رعاه الله) بأن تتخذ قرارات تأخذ في الاعتبار وضع الشباب وأهمية هذا الأمر، وتساعد على توظيف قدراتهم وطموحاتهم الهائلة والمكبوتة، وأن تُفتح النوافذ والأبواب أمامهم للعيش بشكل طبيعي وكريم مثل باقي المجتمعات الإنسانية الأخرى، وذلك عن طريق استخدام أدوات وأفكار جديدة تساعد على احتوائهم وإعطائهم الفرصة في بناء الوطن بشكل عملي وكبير.

    خالد النويصر

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 6:55 pm